دوريات وبطولاتمباريات اليوميلا شوتيلا كورة

FilGoal | أخبار | فقد اسمه وشعره وهزم صلاح ويعرف كهربا.. من هو كارلوس بيرنيجر مساعد كولر الجديد في الأهلي؟

من مدينة “بيل فيل” الأرجنتينية مرورا بسويسرا وصولا إلى القاهرة.. هكذا كانت قصة 54 عاما عاشها كارلوس بيرنيجر، المدرب المساعد الجديد في النادي الأهلي تحت قيادة مارسيل كولر.

بينما يمكننا رسم خط واضح على نقاط مسيرته التدريبية، إلا أن مسيرته الكروية يُرمز إلى بدايتها بـ “غير معروف” عبر موقع ترانسفير ماركت.. فمن يخبرنا عن الحلقة المفقودة؟

بتتبع الصحافة الأرجنتينية، نجد أنها كانت مفقودة بالنسبة لهم أيضا، فمقدمة حوار أجراه مع صحيفة “لا بوث” عام 2004 في مستهل مسيرته التدريبية، تروي عن رجل أرجنتيني ثلاثيني يدعى كارلوس بيرنيجر ظهر في زي رياضي وتوحي إشاراته بكونه مدرب، وفي بادئ الأمر لم يلحظ الجميع أنه نفس الـ “خوان كارلوس بيرنيجر”.. لاعب الوسط الذي ظهر في نادي بيلجرانو خلال أواخر الثمانينات.

بيرنيجر لعب 6 مباريات فقط بقميص بيلجرانو، تعرض خلالها للطرد مرتين، وسجل هدفين، وخاض آخر مباراة رسمية له مع الفريق الأرجنتيني في 25 أغسطس 1990، وخسر فريقه بهدفين دون رد على يد أتلتيكو دي رافاييلا. بعد أيام قليلة، لعب بيرنيجر الشوط الثاني من مباراة ودية مع تاليريس، ثم ألقى تحية الوداع ورحل.

انتقل بيرنيجر إلى سانت جالين في سويسرا، ومنذ ذلك اليوم ولعدة سنوات، لم يسمع به مواطنوه مرة أخرى، حتى رأوه وقد سرق الزمن شعره الأشقر المموج، وسرق منه البلد الأوروبي اسمه الأول “خوان” ليصبح كارلوس فقط، إذ وجد السويسريون صعوبة في نطق الـ “J” الإسبانية.

والآن نترككم مع ما رواه الرجل عن نفسه قبل 19 عاما..

ذهبت إلى سويسرا في عمر 21 عاما. خضعت للاختبار لمدة أسبوعين في سانت جالين الذي أراد شرائي، ولكن بيلجرانو طلب 40 ألف دولار، وقد كان هذا يساوي ثروة آنذاك إن كنا نتحدث عن شراء لاعب بالكاد لمس العشب. عدت إلى بيلجرانو وواصلت التدرب، ثم أتى “نوربرتو ألونسو” وتولى قيادة الفريق، وبالنسبة له لم أكن في الحسابات. لقد كانت فترة صعبة استمرت لـ 6 أشهر توقفت خلالهم عن اللعب تماما.

تلقيت النصح من اتحاد اللاعبين وتمكنت من فسخ العقد، وحصلت على بقية مستحقاتي لدى النادي، وكانت كافية لشراء عشاء لعائلتي في بيل فيل، وبعض الحقائب وتذكرة السفر، وقررت الذهاب إلى سويسرا. ذهبت إلى سانت جالين مرة أخرى ولكنه كان قد استوفى الحد الأقصى من الأجانب، فوقع معي وأعارني لفريق فينتيرتور في الدرجة الثانية.

“هناك لعبت 5 مباريات وتعرضت للإصابة في نفس الركبة التي أصبتها في بيلجرانو من قبل وأبعدتني عن الملاعب لعام. عانيت مع الأربطة وتحديدا الرباط الصليبي. عدت للعب بعد 9 أشهر، ولكن ركبتي كانت متورمة وتؤلمني بشدة، وفي أول مباراة بعد العودة، أصبت الغضروف المفصلي في ركبتي الأخرى”.

كانت هذه بداية النهاية، حيث خضعت لجراحة جديدة ولكن لم أتمكن من التعافي بشكل جيد. كان عمري 22 عاما حين قيل لي: أنت بحاجة لعملية جديدة من أجل إعادة بناء ركبتك لتحظى بحياة طبيعية، ولكنك لن تتمكن من اللعب على المستوى الاحترافي مرة أخرى.

(الصورة من NZZ السويسرية)

ولد المدرب من الشغف. كنت أقرأ الصحف باستمرار لأتعلم عن كرة القدم، وكنت منجذبا لكل ما يخص تدريب اللاعبين وتعليمهم، ولكن ما قدمه لي نادي فينتيرتور كان مفصليا، فقد أوفى بعقدي للنهاية ومنحني راتبي المقدر بقرابة 3 آلاف دولار، وسيارة ومنزل وتذكرة طيران سنوية، وبفضل تلك الأمور تمكنت من البدء في الدراسة والتعلم لأصبح مدربا.

حتى تتمكن من التدريب في الدرجة الأولى يجب عليك التدرج عبر المراحل، وهم 7 مراحل. بدأت بالناشئين مع فينتيرتور، وأصبحت مساعدا في سن 28 عاما ثم دربت فريق فينتيرتور لـ 6 أشهر، وفي منتصف 1999 عدت إلى بيل فيل وقدت الفريق المحلي لـ 6 أشهر، ولكن قبل نهاية العام تلقيت مكالمات من أهم ناديين في سويسرا: بازل وجراسهوبرز، حيث أراداني للعمل مع مراحلهم العمرية الأقل.

اخترت جراسهوبرز وبدأت مع فرق الناشئين، وفي 2003 جعلوني مساعدا في الفريق الأول. رحل المدرب في نهاية العام فتوليت القيادة المؤقتة لمدة شهرين. لم أتمكن من الاستمرار لأني لم أكن قد أكملت الدورات التدريبية اللازمة بعد، فعدت إلى موقعي الأصلي مع الناشئين، ثم توليت القيادة المؤقتة مرة أخرى في الفريق الأول وسارت الأمور بشكل جيد، لدرجة أن النادي أراد طلب استثناء لي من الاتحاد السويسري لكرة القدم، حتى أتمكن من مواصلة العمل بينما أكمل الدراسات اللازمة.

لدي الآن (في 2004) ميزة اللغة وتدربت هنا بالفعل. العيب الوحيد أني أبلغ من العمر 35 عاما وبدأت أشعر بضغط هذا العمل بالفعل. سيأتي وقت أضطر فيه للاختيار بين تدريب الناشئين وبين الانتقال للمستوى الأول، ولكني لا أعتقد أن ذلك الوقت سيأتي الآن. يمكنني مواصلة التعلم، وسأرى ما إن كان بإمكاني مواصلة التنسيق بين الجانبين، أو ربما أستمر في قيادة جراسهوبرز إذا سمح لي اتحاد الكرة..

عودة للمعلومات المتاحة.. هزم فريق صلاح والنني وأتاه كهربا

كما يمكنكم الاستنتاج، لم يحصل بيرنيجر على الاستثناء المنشود من الاتحاد السويسري، فالقواعد هي القواعد، وكما قال بنفسه أيضا “في سويسرا لا يمكنك قفز درجتين في خطوة واحدة عكس الأرجنتين”.

أخذ الأرجنتيني خطوته الجديدة كمدرب لفريق جراسهوبرز تحت 21 عاما، واستمر هناك لمدة 3 سنوات، تخللتهم ولاية أخرى مؤقتة للفريق الأول لمدة مباراة واحدة، وفي صيف 2008.. تذكرون أنه قبل 9 سنوات كان قد تلقى مكالمات من ناديين كبيرين فاختار أحدهما؟ حسنا، لقد حان الآن وقت الآخر.

انتقل بيرنيجر إلى بازل لتولي أكاديمية الناشئين، ثم ترقى لقيادة فريق تحت 21 عاما في 2011، وأخيرا في أبريل 2013، بعد 9 سنوات أخرى من حديثه عن “قيادة فريق أول”، حانت لحظته مع لوزيرن. في مباراته الثانية تعادل مع جراسهوبرز 1-1، وفي مباراته الثالثة والتالية مباشرة، ضرب بازل بثلاثية بيضاء في ملعبه، بازل الذي كان يضم الثنائي المصري محمد صلاح ومحمد النني بذلك التوقيت. شارك صلاح كبديل في هذه المباراة، فيما كان النني خارج القائمة.

كل ذلك في نهاية موسم تسلمه وأنهاه في المركز الثامن متما مهمة تفادي الهبوط. أما في موسمه الأول الكامل، فقد أنهى الدوري في المركز الرابع وتأهل إلى ملحق الدوري الأوروبي، ووصل إلى نصف نهائي كأس سويسرا، ولكن هذه المرة لم يتمكن من التغلب على بازل مرة أخرى.

في ذاك الموسم أتاه لاعب سيعرفه بمجرد أن تطأ أقدامه ملعب مختار التتش، وهو محمود عبد المنعم كهربا الذي لعب معه معارا من صفوف إنبي، وخاض 17 مباراة وسجل هدفين وصنع مثلهما.

ولكن إلى متى؟ تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن كالعادة.. فخسر الملحق الأوروبي أمام سانت جونستون الاسكتلندي بركلات الترجيح.. لا بأس، الأهم هو الدوري.. الدوري الذي لم يحقق فيه فوزا واحدا في 11 مباراة متتالية! 5 تعادلات و6 هزائم بينها 4 على التوالي، بالطبع لم يشفع له الانتصار في أول جولتين من الكأس، فتمت إقالته.

خطوة للخلف.. خطوتان للأمام

في 2016 ظهر بيرنيجر على الساحة مرة أخرى كمدرب مساعد يختص بالعمل على فنيات اللاعبين في جراسهوبرز تحت 21 عاما، تبدو خطوة كبيرة للوراء بالنظر لكونه كان يلعب ملحق الدوري الأوروبي قبل عامين فقط.

ولكن في 2017، صار الرجل مدربا لفريق جراسهوبرز الأول، للمرة الرابعة في مسيرته، والأولى على الإطلاق في ولاية غير مؤقتة، وفي وضع صعب، أتم الرجل مهمة تفادي الهبوط بنجاح واحتل المركز الثامن، ليبدأ موسمه الجديد، ولكن مرة أخرى ساءت النتائج، فغادر منصبه في مطلع الموسم التالي بعد 5 جولات فقط من الدوري السويسري.

يعرف عنه تقرير “نيو زيورخر زيتونج” بوصفه رجل صارم للغاية منذ توليه العمل في الأكاديميات، حتى ستيفان ليشتشتاينر القائد السابق لمنتخب سويسرا روى عنه أيام نشأته في جراسهوبرز أنه أمسك به من “ياقة” قميصه ذات مرة معنفا إياه، حيث كان الفتى مزاجيا للغاية في صغره.

“بالتأكيد يمكنه أن يكون صارما وحادا للغاية في تعاملاته، ولكن إن لم تتمكن من التعامل مع ذلك، فلا أعتقد أنك لائق للاستمرار في كرة القدم”.

كان بيرنيجر في ذلك الوقت حريصا على تسليم كل ناشئ تقرير مفصل عن لعبه والجوانب القابلة للتحسين في مستواه، ولربما كان لتنظيمه ودقته دورا في رغبة كولر بالحصول عليه الآن.. مرة أخرى.

ليست المرة الأولى

كولر تولى قيادة جراسهوبرز بين يناير 2002 وأكتوبر 2003، وبالعودة لرواية بيرنيجر بالأعلى.. نعم، لقد كان المدرب الذي صار معه مساعدا للمرة الأولى، وكان المدرب الذي رحل ليجلس بيرنيجر على مقعد القيادة لأول مرة في مسيرته.

مرت السنوات وتولى كولر قيادة بازل في أغسطس 2018، وهذه المرة أتى ومعه بيرنيجر منذ البداية، حتى انتهت التجربة في أغسطس 2020، وغادر الرجلان معا، بعد أن حصدا آخر لقب في خزانة بازل حتى الآن: كأس سويسرا 2019.

كولر نال قسطا من الراحة وفاتته فرصة تدريب منتخب بولندا بسبب جراحة أجراها في الركبة، فانتهى به الأمر لاحقا في الأهلي. أما بيرنيجر فقد تولى قيادة ثون في أكتوبر 2020، وبعد 75 مباراة، انتهت الرحلة بنهاية الموسم قبل الماضي في صيف 2022، وها هما يجتمعان للمرة الثالثة في مسيرتهما، هذه المرة في القاهرة.

رحلة طويلة ولا تزال فصولها ممتدة ما دام في عمر الأرجنتيني بقية، ولكن وجب التنويه إلى كونها ما كانت لتستمر إلى اليوم لولا امرأة بعينها: كارولينا بيرنيجر.. والدته.

في أغسطس 1992 كان كارلوس يعاني إصابة الركبة الثانية في سويسرا والثالثة في مسيرته، وعلم أن مسيرته إلى زوال لا محالة. استلقى على سريره بركبته المدمرة وسأل: “ماذا أفعل الآن”؟ فأجابته كارولينا: “الآن يمكنك العودة ومواصلة الدراسة”، ليرد عليها: “هل أنتِ مجنونة”؟

المرأة التي اتهمها بالجنون كانت على أتم الحق في قمة لحظات الإحباط، ويظهر ذلك في إجابة اختتمت بها “”نيو زيورخر زيتونج” تقريرها في 2017، ولم نجد أفضل منها..

– سيد بيرنيجر، لماذا بقيت في سويسرا في أغسطس 1992؟

= ما كنت لأعود دون أحقق شيئا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى